11‏/02‏/2013

هل تأتي الثورة في الإمتحان


هل تأتي الثورة في الإمتحان !
متى نعلنها ثورة على أنظمة التعليم في بلادنا


وبعد عدة سنوات مضت عدت من جديد الى الدراسة الجامعية، فأنا التي أمضيت سنوات عدة متنقلة ما بين نظام الكلية والجامعة ذات النظام المفتوح والجامعة المنتظمة، فها أنا الآن أنتظم في الجامعة، إنني لا آبه لوظيفتي التي حصلت عليها منذ أربع سنوات ولم يعد عملي أولى اهتماماتي الحالية رغم أنني ما زلت ملتزمة به، بل أصبحت الجامعة بكتبي وملاحظاتي وحضوري المنتظم هي أولى اهتماماتي، حتى الكعب العالي الذي أصابني شغف به لم يتبقى له أية قيمة أو مكان في حياتي أمام اللهث وراء دقائق الوقت لتحصيل المحاضرة في وقتها ودون تأخير، عدت من جديد أرتدي حقيبة جامعية بدل الحقائب الأنيقة التي كنت أمضي وقتاً طويلاً في انتقائها، وتركت جِدّيتي وبعضٌ من نضوجي الفكري بين رفوف مكتبتي المفضلة ومجالس النقاش وتقمصت دور الطفلة اللاهثة الباحثة عن العلم والمعرفة، أجلس هنا يحيطني فتيات وفتيان في الغالب أكبرهم بسنوات ليست بالقليلة، إلا بعضٌ ممن كان حاله مثل حالي وعاد للدراسة من جديد، إنه الطموح من أعادني الى هذه المقاعد لا شك وحلمي الذي أصبح أعلى من قامتي، ولكن الخيبات المتتالية على مقعد الدراسة تأبى إلا أن تبقيني في رده الذهول تارة ودهاليز الحيرة تارة أخرى، إنني الآن أخالط جيل جاء من المدرسة حديثاً، إنه الفصل الأول لهم في الجامعة، كيف لا أصاب بالإحباط وما زالت مدارسنا تصدر لجامعاتنا جيل أبرز سماته العلمية أنه يتقن أسلوب التلقين دون غيره ويغلب عليه مسمى "جيل المسلمات".


فهو الذي ما زال يبصم الحروف من أجل الإمتحان ليلتقي ذاك الصباح بورقة الأسئلة ويفرغ كل ما عبئه في جعبته المؤقتة ويفرغها ومن ثم يمضي ليلتقي بالعلامة، أنني لا أجد حولي سوى جيل ما زال مصاب بداء السطحية في الفكر والثقافة، أقصى أحلامه علامة مرتفعة في الامتحان، إنهم لا يدركون معنى أخذ المعرفة لأجل الرقي الفكري والذي يؤدي للنهوض والأرتقاء بالمجتمع، لم يخبرهم أحد من قبل أن العلم سلاح المحتل، في الحقيقة لا ألومهم كثيراً فإن كان معلمنا المتخصص في مادة المجتمع العربي ما زال يدرس المادة بصورتها التقليدية التي عفى عنها الزمن، أصابتني صدمة عندما وجدته في زمن الربيع العربي يضيع وقت المحاضرة في سرد أرقام ومؤشرات تبين مساحة الوطن العربي لكنه لا يكلف نفسه مرة ليتحدث عن نسبة المساحات المسلوبة من قبل المستعمرين والمتآمرين بأيدي الحكام الخاضعين، ما زالت صيغته انهزامية مستسلمة للأمر الواقع، ما زال يتحدث عن الوحدة العربية والتطور في الوطن العربي بأنها من أحلام اليقظة بل شبه مستحيلة، ولا يُشعر المتلقنين بأنها مسؤوليتهم فرداً فرداً، وكأنها موكلة لمجهول لا أدري من هو بحسب ما كان يتحدث، كأنه لا يدرك أنه يخاطب جيل صنع الربيع العربي، وأصبح يحتاج لطرق تعليم جديدة بل ثورية بل حماسية، إنه لا يدرك بعد أنه آن الأوان ليقدم معلومات يحيطها الربيع والمستقبل المشرق غير صدئة كتلك التي كان يسربها الحكام لشعوبهم، ولا شك أنه آن الأوان ليقف أمام الطلاب محاضر يتحدث اللغة العربية السليمة القوية الخالية من الركاكة والمصطلحات الدخيلة من لغات المستعمرين، آن الأوان للإعتزاز باللغة كأحد أهم موروثات قيام الحضارة، فهؤلاء المحاضرين ينشئون طلاب مشوهين فكرياً، فإلى متى يضيعون أجيال وراء أجيال وإلى متى سيبقى السؤال الذي يطرح من الطلبة للمحاضرين " هل هذا الموضوع سيأتي في الإمتحان"، فمتى نعلنها ثورة على أنظمة التعليم في بلادنا!