نثرياتي

  

لم أكن أعلم أن حبك سيجعلني اتذوق طعم الأمومة قبل أن يمسسني بشر! وكأنك مولود من رحم قلبي، وكأنك ابن مشاعري الأول، لم أكن أعرف ما هو المخاض بعد، الا عند غيابك الأول كان كألم الطلقة الأولى، ولم أكن اتوقع حقاً أن كلمة أحبك منك ستكون عنيفة قوية مزلزلة كوقع مناداة طفل لأمه للمرة الأولى، لو كنت اعلم أن حبك سيجعلني أحلق في سماء روحي عالياً لعجّلت اليه قبل اربعين خريفاً ..



حينَ تُلاحِقنا الذِكريات
وَتدفن قصصَها في أزقة أجسادَنا
نَتَحسس طَوال الوقت مَقبرة كُل ذِكرى
مُحاولين نَبشَها واقتلاعها
فَبعض الذِكريات تُوهِن أصابعنا حين نَبشِها
وَبعضها تَتَناثر كَرمادِ جسدٍ آثمٍ
أحرَقتهُ نيران من ادعوا الفضيلة
  



كل ما في الأمر أن الغربة تسلبنا أصواتهم 
فنغوص في صمتنا بحثاً عن ضحكاتهم 
فنتعثر بوحل المسافات 
فتتداخل الأصوات 
صوت غريب يتسلل ذاك المزيج 
صوت رجل هندي وآخر نكرة
يُشَوِشُ نبرات دافئة تغمرنا 
فنجمع قوانا لنحكم إغلاق أعيينا 
لنتأمل صمتنا من جديد 
فنرى سواد حالك
يُشَيّع برده في الأرجاء 
ونحاول ان نعود بذاكرتنا قليلاً الى الوراء 
فنجد فتيل الشوق تداخل مع خيوط الترف والحياة 
ليت أصواتكم تنغرس في خاصرة ذاكرتي 
دون أن تبرحها ولا حتى بعمليات الاستئصال 
ليت أرواحكم تلتف حول عنقي 
كحبل مشنقة الإعدام 
ليتكم تتخذون من قلبي وطناً 
ومن عيوني اسم وعنوان



اختصرت العالَم بصندوقِ ذكرى 
اكتَفيت بِحبك وَعينيك 
فهربت من كُل المسافات اليك 
وحين تفَردت بقلبك 
وجدتُك والعالم تتكئون على مِعصم النوم ليلاً 
ومالي غير العِشق يتفرد بي 
فأتكئ على الشوقِ اليك برغم قُربك 
فأثمل خمرة الحب حتى آراني أغفوا جبراً .. 
وقد كنت ممن يَظنون أن القُرب يشفي جنون الهوى 
وما آراني الا ازداد في قربك لوعة واشتياق.


الحُب مَقبرة صورية لأرواح العاشقينْ، ومورفين طبيعي حينَ يفتك وَجعه بقُلوب الهائمينْ فلا 
تُحدثيهم عن مشهد ذَبح الروحِ بِخنجر الحُب، وحدثيهم عن قَهرها وَسوادِ ليلها في الوَداعِ ما قَبل الأخيرْ، وَكما اعتادَت، مارَست دورها الأخير على خَشبةِ المَسرَح، كانت تَشعر بقوة بالأيادي المُحيطة التي تُحرِكها وتَختار لها المشهد القادِم، كَدمية حَركتها يَدُ القَدَر والبَشر معاً، وفي نِهاية ليلتها، تَسللت لمهدِها بِصمت، وَأخذت تَحتسي الألم بِنكهة القَهر. 



اكتَمِلْ بَدراً
لأتيهَ عُمراً
وأعزِفَكَ لَحناً
قَبل أن أغفو في سَحيقِ هَواكْ

اكتَملْ بَدراً
فَسماؤك واسِعَةٌ
نَبَتَ فيها عُمري
وَصار اسمي "مَلاك"

اكتَمِلْ بَدراً
فَقَلبُك أخضَر
وَروحُكَ أطهَر
وَما لأُقحُوانِيَ طيرٌ سِواكْ

اكتَمِلْ بَدراً
فَصوتُكَ لَحنٌ
وَرَسمُك فَنٌّ
صَحّى ياسَمينَ قَلبي،،، لِيَهواكْ

اكتَمِلْ بَدراً
وَغَطِني بِهواكْ
وَاغرِسْ حُبكَ في جدائِلي
فَليسَ لي وَطَنٌ إلا عيناك
فَكيفَ أنا لا أحِبُكَ أكثَر؟!
وَعُمري استَقال 
وَقلبي تَفَرَّغ
كي يَهواك،، كي يَهواك

فَاكتَمِلْ بَدراً فَما عَرفَتْ سَمائي قَمراَ سِواكْ



وعِندَما تُشَيع حُزنَها الأخير 
تَتَسلَل الى ساحاتِ عَينَيهِ 
تَغرِفُ مِنها كومة أحلام تَروي بِها فَراشاتِ روحَها 
وَتُعلِنُ ميلاد رَقصَتها الأولى بِتَوقيتِ حُبِه السُرمُدي 
تَزرعُ في مُقلَتيهِ زَهرَة تَتَطايَر مِن أوراقِها 
ألوانُ الطَيفِ السَبع وَرذاذ أقحُوانٍ فَتّان 



حينَ تُلاحِقنا الذِكريات 

وَتدفن قصصَها في أزقة أجسادَنا 
نَتَحسس طَوال الوقت مَقبرة كُل ذِكرى 
مُحاولين نَبشَها واقتلاعها 
فَبعض الذِكريات تُوهِن أصابعنا حين نَبشِها 
وَبعضها تَتَناثر كَرمادِ جسدٍ آثمٍ 
أحرَقتهُ نيران من ادعوا الفضيلة



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كم وَدّ قلبي أن يُجَمّد الوقت 

بتوقيت تلك السحابة العابرة لروحي

أن يخطف الساعة عقاربها
في خِضّم غفوتها

أن يسلب الشمس نورها 
ساعة السهر 

أن يبتر الحرب المتغلغلة في أعماق كونها
بعد صرخات الفراق الموحش

ود كثيراً أن يئد الضجيج المتلحف 
بأطراف الفضاء 

أن ينثر في سمائه نجوم تتلألأ كالضياء 
أن يزرع في أرضه زهور تعبق بالحياة 

كم ودّ قلبي أن يُكدس الحب كله 
في مهده الأول 
أن يعلق الجمال كتعويذة 
تقي الحب وتحرسه

كم ودّ أن تمارس الأرواح عفويتها 
أن تتراقص فراشات الحب على أنغام السكون 



أن ينثر في العمر ورود 
أن يرسم صورتها في العيون 

فعند نبضة القلب الأولى وعلى بُعد رصيف من الشوق 
انعجن الحب بموسيقى الفرح 


وتكونت نطفة العشق برحم القلب
فضاع العمر بين جزيئات الجنون

كم ودّ قلبي أن يغفو مطولاً
على دقات ذاك القلب الحنون



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قُلت: ما بال عيونَكِ موشَحة بالسواد؟

قالت: وارَيت َروحي إلى مَثواها الأخير
قُلت: لم؟ 
قالت: فَتك الوجع بِروحي 
قُلت: عَظّمَ اللهُ أجرَكِ.
قالت: والبَقاء لمَن غَدَر 





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ماذا اكتُبُ حيْنَ تَتَجَمَدُ ابجَدِيَتي حَيثُ اسْمكَ ؟
وَكَيفَ انثُرُ عَبيرَ مَعاجِمي فيْ غِيابِ رَسمِكَ ~
حائِرَةٌ كُلَ الاماكِنِ وَالمَشاعِرِ فَأينَكَ ؟
فَمَن يُلَحِّفَ حُروفي بِحَركاتِها وَسُكونِها غَيرِكَ
يَتيمَةٌ قافِيَتي وَحيدَةٌ مِن بَعدِكَ ...



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تَمَزقَ الياسَمينُ لَوعَةً
عَلى أوراقٍ تَناثَرَت عَنوةً
سَلبها الريْحُ عَبَقَها
فَماتَ الياسمينُ
وَأمسى القَلبُ حَزينُ



مَن يَرُد للازهارِ عَبَقَها

وَمن يُعيدُ للأجساد أرواحَها
ذَهَبت ذِكراهُم مَع الريحْ
وَجَنّ العُمرُ وَأمسى القَلبُ جَريح
باللهِ عَلَيكُم رِفقَاً بِقَلبٍ احتَواكُم
فَمَن لَهُ طَبيبٌ سِواكُم
إياكُم فالقُلبُ يَهواكُم
فَكيفَ للروحِ ان تَعتادَ فُرقاكُم
فَلا تَقتُلونا مَرَتينِ
مَرَة بِفَقدِكُم
وَمرةً حينَ تُحاصِرُنا ذِكراكُم ....




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تَكتَكةُ المَطَرْ
وَحفناتُ البَرَد
تُصرُ في لَيل الهُدوء
ان تطرق نوافذ الحَنينْ
تُصَممُ ان تُشتتَ حَفنات الذكْرى


صَحت منْ عز نَومها الحَكايات
وَجلَبت مَعها الذكْرَيات وَالعَبرات
تَجمَدت واعتَلت انفاس الأنينْ
أحدَثت جَلبة بأجزاء الشَوق الدَفينْ
بَعثَرت طَمأنينَة الأمَل وَصَبر السنينْ
حَتى وان تَناسَينا تُذكرنا ايام تشرين
لماذا لا نَشفى منْ ذاكرتنْا
مُحاوَلة بائسَة مُكَلَلَة بالأنينْ




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما زال ذلك النادِلُ مُصِراً على تَذكيري بِأنَه يَنْقُصَني شَيئ هُناك، فَكُلَما جَلستُ في ذلِكَ المَكان المُحبب لقلبي، سألني مُباشَرة هَل تَنْتَظِرينَ احَدً ام اجلب لك القهوة؟! وَما زلتُ في كُلِ مَرة أجيبُهُ بــِ < لا > فَأنا هُنا وَحْدي ! !



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أبحَثُ عَن وَطَن يُدَثرُني آناءَ الليلِ عُمرَاً
فَيَحتَضِنُ بِقَبْضَتِهِ خُصَيلاتَ شَعري شَوقاً
فَيهديني قافِيَتين عَلّني اوجِزُه بِهِن شِعراً
فَطُهر الكَلِماتِ تَكَدَس لَهُ في الاعماقِ دَهراً
أيا وَطن نَذَرتُ نَفسي وَعُمري لأجلِهِ زَمَناً


فَباتَ العُمر وَالحُب وَالقَلب وَالروح لَهُ حَصراً






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يا سَيدي مُدهِشٌ أنتَ وَقَلبِكْ
فَمُنذُ اللحظَة التي طالَت فيها نَومَتك
عَرَفت انّ الشَمس كانَت تَعشَقُ روحكَ وَطَلَتِكْ
عَرَفْتُ انَها لَم تَكُن تُشْرِقُ الا حينَ تُشرِقُ البَسْمَة مِنْ ثَغْرِكْ ووجنَتيك~





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في دَهاليزِ الذِكرياتِ لَم يَكُن هُناكَ مَصابيحٌ بِفَتيلِ نورْ
بَل كانَت مَصابيحٌ بِلَون النِسيانِ تُغرِقُ المَكانْ
فَسادَت رائِحَةُ الماضي مُختَلِطَة بِذِكرى وَخيط احزانْ ~



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَكُحل البارودِ تَجَمل أمامَ كُحل عَينيكِ
فَغار عَلى الوَطَنِ وَقال "عَيناكِ وَأنْتِ " !
فَتلك الرموش أغزرُ مِن بَيادِر السَنابِل في وَطَني
وذاك النقاء رِوايَة مِنها يَقَتِبس بيضَ الأقحُوانِ طُهرَه !




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



حنَّةُ أنامِلها، عُرس الوَطَنِ، وَأقحُوانِ وَجنَتَيها وابتِسامَة،
فَصلٌ آخَر تَتْلوهُ رِوايَة العاشِقين لِرِمش الوَطَن والوانه!
نَظرةٌ مِنْها كانَت تَكفي لِتُوشِمَ أنوثَتَها عَلى جَبَروتِ هَيبَتِه،
وَابتِسامَة عَفَوِية مِنْ ثَغْرِها كانَت تَنْقُش سُنبُلة وَبارود وحجارة




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عِنْدَ المَساءِ وَحْينَ تُعانِقُ الحلم
يَزورُها مُتَسَلِلاً بَيْنَ ثَنايا اللَيل ~
يَزرَعُ بَيْنَ خُصَيلاتِ شعرها
زَهْرَة
مَرَة تَكونُ لوتِس
وَمَرَة أخْرى تَكونُ بَيلَسانْ
وَيَمْضي دوْنَ أنْ يُحدِثَ جَلَبَة حَوْلَه
لِكَي لا يُثيرَ ضَجَةً بَيْنَ
تَفاصيلِ حلمِها الدافِئ
وَلا يَنسى دائِمَاً أنْ
يُسدِلَ السِتارْ






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كـان يَرسُمُني كُلَ لَيلَة
فَيُلقي بِأنفاسِه عَلى لَوحَتِه
ليِثيرَ بِداخِلِها ضَجَة وَحَياة
وَمِن ثُم يُعَلِقُها عَلى حْائِطِه
يَتأمَلَها بِصَمتِهِ ومزاجيته
يُكسِبُها جَمالاً بِعَينَيهِ وَنَظراتِه
يَشتاقَها حينَ غِيابِه
وَما أنْ يَمُر عَليها لَيلة
حَتى يُبَعثِر مَلامِح رَسمِه
لِيَرسُمَه مِن جَديد !
بِشَوقٍ آخَر أكثَرَ قُوَة



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتَراه يَلبس ثَوب الكُرهِ كُل لَيلة وَيتستر بِهِ لُيداري شُئْمَه مِن تِلك اَللحظاتْ !!!!!
أتَرى الكُره تَسَلل لأزِقَة أطرافِهِ فَتَفَشى داخِل اورِدَتِه مُتَرهبناً في أعْماقِهِ !!!!
تَقتُلها الحيرَة تُحاصِرُها، تُراوِدُ الألم المُعتَصر بِداخِلِها لِيُفارِق أعتابَ خَوفِها !!!!!





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وَرَغم مَرارَتها تُنْعشنا

وَتُعلِنُ لَنا ميلادَ يَومٍ جَديد ~

نَبدَء بِها يَومنا، فَتَفيضُ عَلينا

بِذِكرى الأحباب ~

تَلفحنا بِنَسماتِ شَوقٍ تُعيدُ للروحِ أمَلها بِلقاءٍ قَريب

فكَما ادْمَنتْ اجسادنا قَهوة الصَباح بكُل احوالها

ادمَنَت ارواحَنا طَيفَهم وَقُربهم في كُل واقاتنا

فالقَهوة مورفين ميزاجيَتنا المُتقَلبة حينَ ذكراهُم

وَذكراهُم مَحرقة الخَوف والضَياع في خضم بُعدهم






بقلمي ~


إسْراء عُثمانْ ~ ©




ليست هناك تعليقات: