22‏/12‏/2013

أوقفوا برافر قبل أن ينتكب الأبناء


أوقفوا برافر قبل أن ينتكب الأبناء 

لم تعد فكرة جهل الكثيرين بقضية برافر على الصعيد الفلسطيني والعربي مرعبة، لكن المرعب حقاً أن يمر برافر على زمن الأبناء، فتكرار نكبة الآباء والأجداد على زمن الأبناء الذين تجرعوا القهر وتشبعت قلوبهم حقداً على أبناء صهيون ممن شردوا أهلهم وسلبوهم بيوتهم وأراضيهم هو النكبة بحد ذاته، فبعد نكبة عام ال48 وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وبعد النزوح في نكسة ال67، وبعد الليالي الطوال التي أمضاها الأبناء يدفعون الثمن مع أهاليهم لخروجهم من بيوتهم وبعدما تشبعوا الألم وهم يستمعون لأجدادهم وآبائهم وهم يتلون الفصل الأخير من تشردهم في تلك الليالي، أصبح من ضروب الجنون ونكسة ما بعدها نكسة أن يمر برافر على زمن شباب تفتحت أعينهم وهم يعدون بالإنتقام واسترداد أرضهم والعودة للديار.




مخطط برافر( بيغن) والذي أقره الكنيست الإسرائيلي في الرابع والعشرين من شهر حزيران في هذا العام 2013، والذي يهدف الى تهويد النقب الفلسطيني ينص على الإستيلاء على أكثر من 800 ألف دونم من أراضي النقب والذي سيتم بموجبه تهجير 40 ألفا من بدو النقب وتدمير35 قرية غير معترف بها إسرائيليا، يدل على أن اسرائيل لم تعد ترهبها أي ردة فعل في المنطقة، وكأنها أصدرت القرار وهي ميقنة أنه لن يكون هناك قوة تتصدى لهذا القرار، فبرافر كغيره الكثير من القرارات التي سبقته والتي جردت الفلسطينيين من أراضيهم واستولت عليها ضمن أراضٍ تعتبرها منطقة تحت السيادة الإسرائيلية، ومن يتأمل هنا وهناك يجد أن المستوطنات الإسرائيلية وجدار الفصل العنصري قد لفا المنطقة وحاصروها، وكمشروع برافر كانت بداية رفض المستوطنات والجدار مقاومة سلمية ومظاهرات انتهت بالإستسلام، فمن يوقف برافر إذاً!


برافر لم يولد هذا العام، فمنذ عام 1953حينما شردت إسرائيل ونقلت بدو النقب الى منطقة السياج التاريحية وأفقدت الفلسطينيين حقهم في ملكية أراضيهم ونقلت ملكيتها للدولة المزعومة، ومنذ أن حرمت فلسطيني النقب من الخدمات وحقهم في الكثير من الأمور الحياتية و وهدمت بيوتهم بحجج واهية، ومنعت المدارس العربية من الانتشار فيه، ومنذ أن جندت إسرائيل من تنازل عن وطنيته وضحى بأهله لينضم الى صفوف الجيش الإسرائيلي ومنذ أن أصبح لها عملائها بين أبناء النقب، وبرافر يكبر ويتعمق على أرض النقب. فبرافر أخذ شرعية من تحت طاولة مفاوضات أوسلو، حينما أصبحت النقب وأهل الداخل الفلسطيني المحتل خارج المعادلة، وَتُرك مصيرهم بين أيدي كيان صهيوني يهدف لتهويد كل شبر من أرض فلسطين.

مشروع برافر نكبة حقيقية ستسجل في صفحات التاريخ إن لم يجد رجال يملكون القوة التي ترتقى لحجمه ليوقفوه، فبرافر ليس قضية تهجير وحصر أهالي النقب وحرمانهم من أراضيهم فحسب، بل هو نكبة جديدة لشعب عاش نكبات متتالية وهو يقدم الشهيد تلو الآخر ليحافظ على حقه في البقاء على أرضه، فمشروع برافر يجب أن يقاوم ويحارب بشكل يساوي حجمه وخطورته.



وفي ظل تفجر المنطقة العربية وانشغالها بالثورات والإنقلابات، وانجرار الساحة الفلسطينية الى الإنقسام والتشتت بين أقدام الفصائل والأحزاب، وفي ظل انشغال سلطة أوسلو بالمفاوضات وتحقيق السلام مع طرف لم يرد السلام يوماً، تأتي قضية برافر، تلك القضية المصيرية التي يجب أن يلتفت حولها كل فلسطيني غيور ليسقطها، فهي ليست قضية النقب فحسب، بل هي مصير أمة بأكملها، أراد لها أن تبقى خاضعة تحت حكم صهيوني يحكم سيطرته عليها، فثورة فلسطينية ترتقي لأن تكون انتفاضة فلسطينية ثالثة تكون على زمن الأبناء ليريحوا ضمائرهم وليكملوا مسيرة الشهداء الذين سطروا بدمائهم معاني الصمود والحرية، ولينتزعوا حريتهم وأرضهم ليست بالكثير ليسقط برافر وليسقط معه الإحتلال وأعوانه، فالتحدي الذي يواجهه الجيل الجديد تحدي يحتم عليه أن يكثف جهوده ليثبت نفسه، وأصبح الآن بيده أن يصنع القرار ويحدد مصيره، وآن الأوان ليكون على قدر التحدي.



لقد سمع آبائنا من أجدادنا عن نكبتهم، وسمعنا نحن من آبائنا عن نكستهم، فهل يأتي يوم ويسمع فيه أبنائنا عن لعنتنا إن مر برافر من بيننا! أم ان جيل سقطت في زمنه دكتاتوريات وأنظمة ظنت أنها لن تسقط يوماً محال أن يستسلم أو يتنازل ولن يسمح لبرافر أن يمر إلا من فوق جسده.

ليست هناك تعليقات: